سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مختصرة، هو ثاني الخلفاء الراشدين بعد سيدنا أبو بكر الصديق، لقب بالفاروق، و هو من العشرة المبشرين بالجنة، تولي الخلافة بعد وفاة سيدنا أبو بكر الصديق عام 634 ميلادياً 13 هجرياً، وهو من أكبر قادة المسلمين و أكثرهم عدلاً و حكمةً. نشأة وإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ولد في مكة عام 40 قبل الهجرة، و قد ولد بعد مولد الرسول الكريم ب 13 عاما، و كان منزله في الجبل الذي يسمي اليوم بجبل عمر. تعلم المصارعة و الفروسية و ركوب الخيل، كان شجاعاً منذ صغره، كان يحضر أسواق العرب، و سوق عكاظ، وتعلم التجارة حتى أصبح من أغنياء مكة، و نشأ سيدنا عمر على دين قومه من أهل قريش، يعبد الأوثان والأصنام، وكان يحب شرب الخمر و النساء. كما كان سيدنا عمر قبل إسلامه من أشد أعداء المسلمين، و كان غليظ القلب، غليظ الطباع، حتى أنه كان يعذب جاريته عندما أسلمت من مطلع النهار إلى آخره، و كان سيدنا عمر يتبع سيدنا محمد أينما ذهب، فإذا دعا الرسول الكريم أحداً للإسلام، أخافه سيدنا عمر و ارجعه. إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أمر الرسول عليه الصلاة و السلام المسلمين بالهجرة إلى مكة، تخوف عمر من انهيار أسس القبيلة و تشتتها، فعقد العزم على قتل سيدنا محمد حتى يتخلص من الدين الجديد. وأيضاً من الأسباب التي دفعته لقتل النبي الكريم أن سيدنا حمزة بن عبد المطلب قد أهان أبي جهل، و كان أبو جهل خال سيدنا عمر، فرأي عمر أن كرامته أصيبت، و أراد أن يرد كرامته و كرامة خاله، و كان رد الكرامة عند العرب بالسيف، فأشهر سيفه قاصداً النبي الكريم. وهو في طريقه إلى بيت النبي الكريم قابله ” نعيم بن عبد الله العدوي القرشي” فأخبره أن أخته فاطمة و زوجها سعيد بن زيد بن عمر، قد أسلما، فتوجه إلى بيت أخته غاضباً، فوجد “خباب بن الارت” يعلمهما القرآن، فضرب سعيد و لطم أخته لطمة شقت وجهها، فوقعت منها صحيفة. فتناولها سيدنا عمر و قرأ ما بها، وكانت بعض آيات سورة طه، فرق قلبه وقال ( ما هذا بكلام بشر) و أعلن إسلامه في وقتها. وكان عمره يقارب الثلاثين في ذلك الوقت، وذهب سيدنا عمر إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم حيث كان يجتمع النبي الكريم مع أصحابه و أعلن إسلامه، وكان المسلمون لا يخفون إسلامهم بعد إسلام سيدنا حمزة عم النبي و سيدنا عمر. إذ كانوا من أشد رجال قريش و أكثرهم جرآة، و قد طلب سيدنا عمر من النبي الكريم أن يخرج المسلمون و يطفون بالكعبة. هاجر سيدنا عمر مع الرسول الكريم إلى يثرب ( المدينة ) عام 622 م، و قد هاجر معظم المسلمين سراً خوفاً من أن يتبعوهم أهل قريش فيلحقوا بهم الأذي، إلا سيدنا عمر بن الخطاب فقد كان مجاهراً بهجرته، و قد آخا النبي الكريم سيدنا عمر بن الخطاب و سيدنا أبو بكر الصديق. شارك سيدنا عمر في كل الغزوات مع النبي الكريم، و قد قتل خاله في غزوة بدر، بعد 8 سنوات من الهجرة عاد المسلمون و معهم سيدنا عمر بن الخطاب إلى مكة، و قد منح سيدنا عمر بن الخطاب نصف ثروته لتسليح الجيش لغزوة تبوك، و في عام 631 م حج سيدنا عمر بن الخطاب مع الرسول حجة الوداع قبل وفاته. بعد وفاة النبي الكريم أصبح سيدنا أبو بكر خليفة للمسلمين، و كان سيدنا عمر بن الخطاب بمثابة مستشاره العسكري، و كان سيدنا أبو بكر يحبه حباً كثيراً، فكان ينظم معه أمور الدولة الإسلامية. تولى سيدنا عمر بن الخطاب الخلافة عندما اشتد المرض على سيدنا أبو بكر حيث اجتمع بكبار الصحابة و أخذ يشورهم في اختيار خليفة للمسلمين من بعده وانتهي الأمر باختيار سيدنا عمر بن الخطاب خليفة للمسلمين. أهم الفتوحات في عهد سيدنا عمر بن الخطاب فتح الشام. حيث بدأ الفتح الإسلامي للشام في عهد الخليفة أبو بكر الصديق عندما هاجمت جيوش الروم جيوش المسلمين، و لكنه توفي أثناء ذلك، و تولي من بعده سيدنا عمر بن الخطاب استكمال فتح الشام. وكان أول ما أراد فعله هو عزل سيدنا خالد بن الوليد عن قيادة جيش المسلمين، و ذلك لانتصاراته المتتالية، و حتى لا يفتتن به المسلمون، وقد أبلي المسلمون في فتح الشام بلاءً حسناً. فتح بلاد فارس والعراق. فتح مصر. فتح برقة وطرابلس. إدارة سيدنا عمر للدولة الإسلامية كان سيدنا عمر بن الخطاب من أذكى قادة المسلمين على مر العصور، فقد كان عبقرياً، و اتسعت في عهده الدولة الإسلامية إتساعاً كبيراً، فشرع في إنشاء تنظيم إداري يعمل على وحدة الدولة الإسلامية و الحفاظ على وحدتها، فقسم الأمصار المفتوحة إلى خمسة ولايات هم: #العراق #فارس #فلسطين #الشام #إفريقيا؛ أما شبه الجزيرة العربية فأبقى على تقسيمها إثنتا عشر ولاية كما فعل سيدنا أبو بكر الصديق و هم (مكة المكرمة، المدينة المنورة، الطائف، صنعاء، حضر موت، خولان، زبيد، مرقع، الجند، نجران، جرش، البحرين). قسَّم سيدنا عمر بن الخطاب الشام إلى ولايات، واتبع سيدنا عمر نظام المركزية الإدارية في حكمه، حيث أن الحكومة المركزية التي تقوم وحدها بإدارة بالشؤون الإدارية للدولة الإسلامية،كانت توجد في المدينة المنورة. أنشأ سيدنا عمر بن الخطاب الدواوين لاتساع الدولة الإسلامية في عهده ومخالطة الحضارة الفارسية والبيزنطية، واقتباس ماهو ملائم منها، ومنها ديوان الإنشاء، وديوان الرسائل وهو أول من وضع الدواوين في الإسلام. تكريس نظام الشوري، الذي أمر بهم القرآن الكريم وحثت عليهم السنة النبوية الشريفة، فأبقي بجانبه كبار الصحابة، حيث كان يستشيرهم في كل الأمور التي لم يرد فيها قرآن ولا حديث.