عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أحد الصحابة الأعلام، فهو من السابقين للإسلام وهو ثالث الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو صهر الرسول صلى الله عليه وسلم. من هو عثمان بن عفان ؟ هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي، ولد قبل الهجرة بسبع وأربعين سنة، نشأ في بطن بني أمية وهم من كبار سادات قريش، عرف بحكمته ورأيه السديد في الجاهلية وكان كثير المال، لم يسجد لصنم في الجاهلية ولم يشرب خمرًا ولم يرتكب منكرًا، ولما بعث الله النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- كان عثمان من أوائل الذين آمنوا به، حيث أسلم على يد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو رابع من أسلم من الصحابة، وقد ضيق عليه كفار قريش كغيره من الصحابة، حيث عذبه عمه الحكم بن أبي العاص حتى يرده عن دينه، لكن عثمان- رضي الله عنه- تحمل الأذى وصبر. تزوج عثمان -رضي الله عنه- من السيدة أم كلثوم بنت النبي -رضي الله عنه- بعد أن كان عتيبة بن أبي لهب قد عقد عليها، فلما نزلت سورة المسد فسخ النبي زواجهما، وتزوجها عثمان -رضي الله عنه-، ولما ماتت زوجه النبي من ابنته الأخرى السيدة رقية -رضي الله عنها- ولما أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين بالهجرة إلى الحبشة كان عثمان بن عفان من أوائل الذين هاجروا إلى الحبشة مع زوجته السيدة رقية -رضي الله عنها- كما هاجر إلى المدينة بعد ذلك لما أذن الله للمسلمين بالهجرة. مشاهده شهد عثمان -رضي الله عنه- المشاهد كلها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير أنه لم يشهد بدرًا لمرض زوجته السيدة رقية، حيث همَّ بالخروج للقتال لكن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أمره بأن يلازمها ليمرضها، وقد شهد أحدًا وبيعة الرضوان وله موقف شهير في بيعة الرضوان، حيث أرسله النبي إلى كفار قريش ليفاوضهم على دخول المسلمين للاعتمار في مكة، فأخذه المشركون وأشيع نبأ مقتله، فبايع الصحابةُ النبي -صلى الله عليه وسلم- على القتال والجهاد، وأخذ النبي بيده اليمنى وقال هذه يد عثمان وضرب بها على يد اليسرى، وقد تبين بعد ذلك كذب النبأ الذي أشيع عن قتل عثمان. اشتهر عثمان -رضي الله عنه- بإنفاقه في سبيل الله تعالى حيث أنفق كثيرًا على تجهيز جيوش المسلمين، وهو الذي جهز جيش العسرة في غزوة تبوك حتى قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: “ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم” كما أنه اشترى بئر رومة من يهودي وتصدق بها على المسلمين. خلافته وعهده توفي النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو راض عن عثمان بن عفان، وقد كان عثمان خير مستشار لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- وتولي الخلافة بعد استشهاد عمر بن الخطاب، حيث بايعه المسلمون بالخلافة، وكل له دور كبير في الفتوحات حيث فتحت في أيامه أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان ومناطق من إفريقيا وقبرص، وهو الذي أسس أول أسطول بحري إسلامي لمقارعة الروم ولتأمين حدود الدولة الإسلامية. عمَّ الرخاء في عهده وكثرت الأموال، لكنه كان زاهدًا فيها، وقد أشاع عنه أهل الفتن والشرور كثيرًا من الأكاذيب وهو بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وكان عبدالله بن سبأ اليهودي زعيم أهل الفتن والشرور الذين ثاروا على عثمان، وفي أواخر خلافته تجمع هؤلاء السوقة وهم من شرار الناس وأوباش الخلق، وحاصروه في بيته في المدينة المنورة وقتلوه عام 35 هـ، وكان صائمًا يقرأ القرآن، ولم يراعوا حرمة القرآن ولا الصيام حيث قتلوه وهو يقرأ قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (البقرة:137)، قتل عثمان بن عفان- رضي الله عنه شهيدًا ورفض أن يدافع أحد عنه حقنًا لدماء المسلمين. رضي الله عن عثمان بن عفان ذي النورين وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.